قوله تعالى: {كذَّبَتْ ثمودُ بالنُّذُر} فيه قولان:أحدهما: أنه جمع نذير. وقد بيَّنّا أن من كذَّب نبيّاً واحداً فقد كذَّب الكُلَّ.والثاني: أن النُّذُر بمعنى الإنذار كما بيَّنّا في قوله: {فكيف كان عذابي ونُذُرِ}؛ فكأنهم كذَّبوا الإنذار الذي جاءهم به صالح، {قالوا أبَشَراً مِنّا} قال الزجاج: هو منصوب بفعل مُضْمَر والذي ظهر تفسيره، المعنى: أنتبع بَشَراً مِنّا {واحداً}، قال المفسرون: قالوا: هو آدميّ مِثْلَنا، وهو واحد فلا نكون له تَبَعاً {إنّا إذاً} إن فعلنا ذلك {لَفي ضلالٍ} أي: خطأٍ وذهاب عن الصواب {وسُعُرٍ} قال ابن عباس: أي: جنون. قال ابن قتيبة: هو من: تَسَعَّرتِ النّارُ: إذا التَهبتْ، يقال: ناقةٌ مَسْعُورةٌ، أي: كأنها مجنونة من النشاط. وقال غيره: لَفي شقاءٍ وعَناءٍ لأجل ما يلزمنا من طاعته.ثم أنْكَروا أن يكون الوحي يأتيه فقالوا: {أَأُلْقِي الذِّكْرُ؟} أي: أَنَزَل الوحيُ {عليه مِنْ بينِنا} أي: كيف خُصَّ من بيننا بالنُّبوَّة والوحي؟! {بل هو كذّابٌ أشِرٌ} وفيه قولان:أحدهما: أنه المَرِح المتكبِّر، قاله ابن قتيبة.والثاني: البَطِر، قاله الزجاج.قوله تعالى: {سيَعْلَمونَ غداً} قرأ ابن عامر وحمزة: {ستَعلمون} بالتاء {غداً} فيه قولان:أحدهما: يوم القيامة، قاله ابن السائب.والثاني: عند نزول العذاب بهم، قاله مقاتل.قوله تعالى: {إنا مُرْسِلوا النّاقةِ} وذلك أنهم سألوا صالحاً أن يُظْهِر لهم ناقةً من صخرة، فقال الله تعالى: {إنّا مُرْسِلوا النّاقةِ} أي: مُخرجوها كما أرادوا {فِتنةً لهم} أي: مِحنةً واختباراً {فارتَقِبْهم} أي: فانتظر ما هم صانعون {واصْطَبِر} على ما يُصيبُك من الأذى، {ونَبِّئْهم أنَّ الماءَ قسمةٌ بينهم} أي: بين ثمود وبين الناقة، يوم لها ويوم لهم، فذلك قوله: {كُلُّ شِرْبٍ مُحتضَرٌ} يحضُرُهُ صاحبُه ويستحقُّه.قوله تعالى: {فنادَوا صاحبَهم} واسمه قُدار بن سالف {فتعاطى} قال ابن قتيبة: تعاطى عَقْر الناقة {فعَقَر} أي: قتل؛ وقد بيَّنا هذا في [الأعراف: 77].قوله تعالى: {إنا أرسلنا عليهم صَيْحةً واحدةً} وذلك أن جبريل عليه السلام صاح بهم؛ وقد أشرنا إلى قصتهم في [هود: 61] {فكانوا كهَشِيم المُحتظِر} قال ابن عباس: هو الرجُل يجعل لغنمه حظيرة بالشَّجر والشوك دون السِّباع، فما سقط من ذلك وداسته الغنمُ، فهو الهَشيم. وقد بيَّنا معنى {الهشيم} في [الكهف: 45]. وقال الزجَّاج: الهَشيم: ما يَبِس من الورق وتكسَّر وتحطَّم، والمعنى: كانوا كالهَشِيم الذي يجمعه صاحبُ الحظيرة بعد أن بلغ الغاية في الجفاف، فهو يُجمع لِيوقد. وقرأ الحسن: {المُحتظَرِ} بفتح الظاء، وهو اسم الحظيرة؛ والمعنى: كهشيم المكان الذي يُحتظَر فيه الهشيم من الحطب. وقال سعيد بن جبير: هو التراب الي يتناثر من الحيطان. وقال قتادة: كالعظام النَّخِرة المحترقة. والمراد من جميع ذلك: أنهم بادوا وهلكوا حتى صاروا كالشيء المتحطِّم.